بكل الاحوال من وجهة نظري ان العلمانية لا علاقة لها بكل الجدل البيزنطي بين مفكرين، بل هي اعمال للعقل ومنهج التفكير، وهي معرفة القوانين العلمية للطبيعة والمجتمع، واستخدامها لكي تحقق التغيير المطلوب
وهذا ما فهمها العالم الغربي للعلمانية لزالك ساهمت في تقدمهم وتطورهم، لكن نحن ما زلنا ندور في نقطة واحد ونبحث الادلة والثوابت هل العلمانية هي منهج سياسي ام هي الكفر والالحاد، وان لم نحسم امرنا سنبقى نراوح في مكان دون تقديم او تأخير
فعلينا ان نعلم ان العلمانية هي نظام الحياة، ونظام المجتمع وليس فكرة عابرة. وهي الحداثة والدولة القانون وفصل السلطات وتأسيس الاحزاب، والتداول السلمي لسلطة، وتحرير الاقتصاد، وحرية الفكر، والنشر، والتعبير. و هي انفتاح على مستقبل من خلالها نبني وطن متقدم في كل مجالات السياسية و الاقتصادية و تنظيمية و القانون و التعليم المتطور , و مؤسسات مجتمع مدني , و نزاهة و استقلال القضاء , و قبول الراي الاخر و قبول المعارضة و قد نجد ان المناقدين للعلمانية يرؤنها مثل ذألك القوة التي استعده لمهاجمة الدين , لكن العلمانية ليست هجوم على اي الدين و ليس الحاد و ليس ضد العلم , و ليست اجهزة الامنية لقمع المعارضة و تلجم الافواههم , بل هي اعمال العقل و تطور للعلوم و الفنون , و تحرير و تمكينها ايمان بدور الدين في مجتمع اعلاء للفكر و الثقافة , و تكريس للمواطنة و التربية و التنمية القدرات .
وتعزيز النظام العام والمساواة بين الناس، لذا نرى ان العلمانية ليست مستوردة، بل هي السودانية اصيل. لان ليست كافرة ولا غريبة للمجتمع السوداني. فمثلا عندما يكون هنالك استغلال نحن في حاجة الي العدالة الاجتماعية، وعندما يكون هنالك اجهزة قمع والطواري نحن في حاجة الي معارضة وحريات والاحزاب. وعندما يفر مجرم ويدان البريء نحن في حاجة الي تعزيز السلطة القانون ونزاهة واستقلال القضاء، وعندما يكون هنالك نسبة في البطالة نحن في حاجة الي استثمارات كبيرة وضخمة، وعندما يكون هنالك اللامبالاة والاهمال والفساد نحن لحاجة الي خلق حراك سياسي والاقتصادي واجتماعي. وهنا هي السؤال الذين يرون ان العلمانية هي الكفر والالحاد ماذا تعني الحقوق لديهم؟ لكن انا كمدعي للعلمانية هي الوسيلة للوصول الي ذألك الحقوق التي توجد في قمم الجبال ولن يتحقق الا من خلال العلمانية في السياسة والفكر، والاقتصاد، والثقافة، والتعليم
ما هي الالحاد و الكفر في هذه المبادئ التي تضمن، الحيادة الدولة في الشأن الديني، و حيادة مدرسة و التعليم ازاء الدين، و احترام حرية الضمير و الاعتقاد , و الاعتراف بحقوق المواطنة كاملة لجميع المواطنين في مختلف الانتماءات , و الاستجابة للمتغيرات الجديدة , كما يعطي الحق الشعب في حكم نفسه و يكون هو مصدر السلطة و القوانين , و يسمح لهم حرية الفكر النشر و البحث العلمي , كما انها يصلح للتعددية و التنوع و الحوار و تداول السلطة , كما انها تمكن المرأة في مختلف المجالات الحياة
لذا نجد ان العلمانية هي مذهب ونظام شامل ومنهج الحياة، قائم على العقلانية والعلم والتجربة بعيد عن الغيبي والمطلق والمقدس، ومن خصائصها. القدرة الاستيعابية التي توفرها للمجتمعات المليئة بالأديان والاعراق، والحياد الايجابي للدولة بكل مؤسساتها ازاء الاديان والطوائف، تسود المساواة بين المجتمع امام القانون، كما لن تسمح اضطهاد الاقليات وعدم سيادة مذهب ضد الاخر. وأكثر اهمية هي ارتباط العلمانية بالعقلانية وتحرير العقل من الاوهام والسوابق
من خلال فهمي ونظري للعلمانية، تطرق في ذهني السؤال، هل العلمانية ضرورية للمجتمع السوداني الذي تسود التعددية الاديان والاعراق والثقافات؟ نرى ان لا يمكن للمجتمع السوداني ان تحقق مستويات في التنمية والسلام والاستقرار السياسي وتقطع مراحل من التقدم الا إذا خضعت للقوانين التاريخ والقوة الواقع ومنطق الاشياء وهذا لن يتم الا بتطبيق الاسس العلمانية وهي اقرار الحريات وضمان الحقوق، بناء الدولة على اسس وطن للجميع ومواطنة هي اساس الحقوق واشاعة الثقافة المساواة، ورفع كل الوصاية على مواطن، فصل السلطات ونزاهته، إذا ليس هنالك خيار اخر للشعب السوداني غير تبني العلمانية، لان العلمانية تحرير الانسان من الاستبداد وتحرر الدين من الاستغلال، وغاية من العلمانية هي تكريم الانسان وسعادته وتحريره من كل وصاية والعبودية والاستغلال من هنا كانت العلمانية هي وسيلة لتحرير، لزالك العلمانية هي الحل.