سياسة التجويع من التبعية الي الحرية
بالقلم / نورالدين كوكى
كانت – و لاتزال سياسة الحكومة المؤتمر الوطني تسير وقف المعنى
الكنائي للمثل القائل " جوع شعبك يتبعك" و هو الكناية عن الاذلال الذي
يولد التبعية , فراوا ان خير وسيلة لضمان تبعية الشعب السوداني لهم هي جعلهم
يرزحون تحت ضغط الجوع و العوز ! ليظلوا دائما مرتبطين بتلك اليد التي تمتد اليهم
لتسد رمقهم بقطعة الخبز التي تقذفها لهم كلما اشتدة لهم جوع يستبطن في داخله معنى مقابلا , وهو ان رفاهية
الشعب و الاستجابة لمطالبة يجعلها تتقلب في رغد العيش , ما يؤدي بها في اعتقادهم ,
الي رفاهيه الفكر و الوعي , ما يدفعها للمطالبة لحقوقها . و بالمطالبة
بالحقوق معناه القضاء على الفساد , و هذا
تعني في ايديولوجية الكيزان تعال على سلطاتهم و تهديد لكرسيها الذهبي الوثيرة
بالانهيار , هذا هي الفكرة التي ترتعد لها فرائض الكيزانين , التي اثرت اذلال
الشعب السوداني لتظل تابعة لها . الا ان الحكومة المؤتمر الوطني هي غارق في الوهم
النفسي و يرى ان العالم تعيش في عصر الحجري ,لان هذا الاسلوب الديكتاتوري كانت
مسكوت في ازمنة مضت , حين كان الفرد مغلوبا على امره منعزلا عن العالم فكريا و
ثقافيا و اقتصاديا , اما اليوم فقد انفتحت فضاءات الشعوب , و اصبح العالم كله ياتي
بين اليدين بضغطه زر واحد على جهاز لا يتعدى كف يد . فقد اصبحت العين ترى , والعقل
التفكر , و الوعي تشكل , و النفس تطمح , و التغيير يغري الجميع , بالوان طيفه
الجذابة , و مع هذا فان الفاشي المؤتمر الوطني لا تزال تغمض عينيها , و تصم اذانها
, و تستغشى ثيابها عن ادارك ابعاد هذا التغيير , و تطور الهائل الذي تقوده عقول
شابة , كما تابى ان تعترف بان شباب اليوم في عقليته و طموحاته و رغباته و وسائله ,
غير شباب الامس , فظلت تتعامل معه بتلك الثقافة الرجعية الرديكالية البائدة , و
ازدادت تعنتا في بؤرة ديكتاتورية و الشمولية لاعتقادتها ان فن سياسة تجويع و
الاذلال الشعب السوداني هي انجح وسيلة سياسية , الا ان فاتها ان معنى الكنائي
للمثل الديكتاتوري البائد " جوع شعبك يتبعك" اصبح يقابله اليوم معنى
لمثل ولد مع متغييرات العصر و هو " جوع شعبك يتهشك " حيث اضحت الشعب
الواعي اليوم تمزق عنها رداء الذل و الهوان , و طفقت تنعم بعمائم العز و الكبرياء
, و ترتدي ذي الحرية و الكرامة , فهنا على الكيزان الذين لا تزال تتغني بتلك
الامثلة الغبية التي رسمت عليها سياستها ان تستفيق من سباتها العميق , و تفرك
عينيها جيدا , و تنفض الغبار عن فكرها البائدة , و ان تعلم ان افضل سياسة
لاستمرارها هي مصادقة الشعب , و احترام انسانيته , و مشاركته اماله و طموحاته , و
تلبية احتياجاته , فما كان بالامس ترقا اصبح اليوم ضرورة حتمية ,حيث ان متطلبات
الشعب هي في غاية الوضوح , و احلامهم سهلة التحقيق , فالشعب لا يريد اكثر من
الامني و الامان نفسي و الفكري و الاقتصادي , فكل فرد في مجتمع بحاجة الي عمل كريم
يكفل له حياة كريمة , و تعليم راقي يواكب العصر و مستجداته , و علاج يضمن له صحه
جيدة , و مسكن كريمة ياويه من حر الصيف وقر الشتاء يريد الفرد ان يشعر بكرامة و
انسانيته عن طريق التعبير عن رايه بكل الحرية و صراحة , و ان يجد اذنا صاغبة و
حكيمة تناقشه و تحاوره و تشاركه و تلبي طلباته , و لن تتحقق الا بالمساواة بين
الافراد , و هذه المساواة لن تتحقق الا بالعدل و القضاء على الفساد ,فاذا شعر
الشعب بالعدل و التوازن بين الافراد المجتمع فيكون الاستقرار و السلام هي الغاية ,
اما رات الطبقة هي السائدة و الفساد هو من يبعث ثروات الوطن , فاعلم ان البركان الخامد سوف يثور يوما و هذا
ما حصل في كل اركان الدولة السودانية , فالحقيقة التي باتت واضحة كالشمس ان نظام الكيزاني
التي لا تحترم رغبات الشعب هي حتما الي زوال في مزبلة تاريخ.